العناد ظاهرة
سلوكية يمكن وصفُها كمشكلةٍ تربويّةٍ عند الأطفال وهي نوع من الامتناع
والرفض يُبديه الطّفل نحو التعليماتِ والإرشاداتِ المُوجّهة إليه تصاحبه حالة من
الإصرار على عدم التنازل والتشبث بالرأي دون مُبرّرٍ مقنع، وتَتّصف عادة
العناد بامتناعِ الطفل عن الاستجابة بشكلٍ متكرر للتوجيهات ومُواجهتها بالمُقاومة
الشديدة والجدال المستمر.
العناد عند الطفل سلوك
يظهر عادة بعد بلوغه العامين من العمر وقبلها لا تظهر عليه أعراض أو سِمات
العناد؛ لأنه اعتماديٌّ بشكلٍ كبير على والديه، ويتّصف بالاتكاليّة، والانقياد
الطبيعي للأوامر لكنه لا يخلو من بعضِ الامتناع الطبيعي والمُعارضة لبعض
التعليمات، لكن لا يصل الأمر إلى أن يكون ظاهرة سلوكيّة تحتاج إلى علاج.
يَظهرُ العنادُ عادة
عند تَمكّن الطفلِ من المشي والكلام نتيجةً لبداية الشعور بالاستقلاليّة
ويكون ثمرة لنموّ تصوّراته الذهنيّة؛ فالطفل يَستشعر فرديًّته ويُقاوم كل ما
قد يمسّ بكيانه، دون الوعي بما يترتب على ذلك الموقف؛ لذا فالواجبُ على
الأبوين والمربين التمتّع بقدر عال من التحكّم بالذات وعدم الانفعال والصبر،
وتجنب معاملة الطفل العنيد قدر الإمكان بالقمع والقسوة.
أسباب العِناد قد تكون
بيئيّة مكتسبة، أو ذاتية بغرض إشباع حاجاتٍ نفسية. فالقيود التي تُفرض على سلوكات
الطفل الحركيّة والمعنوية؛ كفرض المحدوديّة على حركة الطفل ، بالإضافة إلى إهمال
حاجته للعب والنشاط البدني وغياب الحوار و سوء التواصل معه، يَدفعه للعناد
لمُحاولة الانتصار لذاته التي أطالها الإهمال.
كما ان لشعور بالظلم
من قبل من هم حوله، وتلقّي الأوامر والطلبات المجحفة من قبل الوالدين وغيرهم؛ يرفع
مستوى التوتر النفسي للطفل، فيكون رد الفعل بسلوك العناد الشديد.
وأيضا إهمال تلبية
رغبات وحاجات الطفل الأساسية؛ وتركه عرضة للجوع أو النعاس أو التعب، مما يفقده
التوازن النفسي ويؤدي إلى ارتفاع مستوى التوتر فيجعله ذلك يتصرف بشكلٍ غير مستقر
ومُعاند، لذلك يجب أن يكون العناد إشارة لمن حوله بأنّه بحاجة لتلبية رغبة
ما.
والطفل يسعى إلى
تقليد من حوله من الكبار؛ فقد يَرى أخاه الكبير وهو يَتجاهل طَلبات والديه فيظنّ
بأنّ هذا السلوك لائق.
إن العِناد يكون
أحياناً مؤشّراً على الأزمات النفسيّة؛ كشعوره بالغيرة، أو التعرّض للمُنافسة
الشديدة على مكانته عند الأبوين، أو الشعور بالعجز عن أداء المطلوب منه فتظهر ردّت
فعله على شكل عناد.
مظاهر عناد الطّفل
تكون بشكل من الآتي:
رفض الأوامر وعدم
المتثال بشكلٍ مُباشر، والتأخّر في الاستجابة.
الإصرار على مُمارسة
الأفعال غير اللائقة والغضب لأتفه الأسباب.
سلوك الابتزاز في
سبيلِ الحصول على أهدافه.
ينظر إلى نفسه دائماً
على أنه صاحب الحق، ويرفض التنازل عن آرائه.
تنقسم أنواع
العناد إلى ثلاثة أشكال :
العناد العرضي: يكون
آنيّاً ولحظيّاً، ويحدثُ بشكلٍ طبيعيّ نتيجةً للتقلّباتِ النفسيّة والمزاجية، وهو
أمر عارضٌ يَزول بزوال أسبابه.
العناد المُتكرّر: هو
السلوك المَرفوض اجتماعيّاً وتربويّاً، ويكون برفض وتجاهل التعليمات والأوامر
بشكلٍ دائم ومتكرر مع إبداء مبرّرات غير المُقنعة.
العناد المرضي: هذا
النّوع نادرٌ جداً يُرافق الأمراض النفسية والتي تحتاج عادةً للاختصاصيين النفسيين
لعِلاجه.
علاج
العناد عند الطفل
هناك الكثيرُ من
الطّرق الفعّالة التي تُعالج عناد الطفل منها:
بيئة االطفل ومحيطة ؛
فالبيئة الأسرية والتربويّة والتنشئة السليمة تربي طِفلاً سويّاً متصالحاً
مع ذاته ومع من يحيط٣ به، يخلو من المشاكل النفسية والاضطرابات السلوكية، لذلك
فإن نمو الطفل في جو من الحبّ، والعطف، والكلام اللطيف الهادئ، والحوار
الدافئ المبني على التواصل الودّي، والاحترام وأسلوب الإقناع وشرح الأسباب، وكذلك
تلبية حاجات الطفل وإشباعها، والاستجابة لطَلباته الأساسية والمنطقيّة.
تجاهل الطفل في حال
سلوكه نهج العناد حتى لا يتمكن من استثماره في تصفية الحسابات وتعقيد الأمور؛ في
حال رفضه الانقياد يمكن مُقابلة سلوكه بالتجاهل حينها يفقد قيمة هذا العناد وما
سيجنيه عليه، وبالتالي سيتراجع عن عنه لعدم تحقيقه الغرض منه.
مكافئة الطفل في حال
الاستجابته للتوجيهات بشكل سليم وهادئ؛ فالمُحفزات الماديّة والمعنوية تترك
لديه انطباعاً عن فوائد الانصياع للأوامر والاستجابة لها، كما الانتباه إلى
الاستجابات الإيجابيّة للطفل والثناء عليها.
عقابُ الطّفل بشكلٍ
لطيف عند إبدائه للعناد وعدم وصفه بالعنيد أو مُقارنته بمن حوله من الأطفال
لأن ذلك يذكي العنادَ بشكلٍ أكثر في نفسيته بالإضافة إلى عدم إلقاء الأوامر بصيغة
فظة فهذا يوحي له بالعناد والمعارضة.
photo: freepik

تعليقات
إرسال تعليق
نشكرك على مشاركتنا برايك